ديسمبر 30، 2015

4:00 ص

تمهيد: ادى تعرض المدرسة الكينزية، على الانتقاد والتصدع بسبب ظهور مشكلات الكساد والتضخم واعجازها عن تقديم الحل الناجح إلى ظهور النظريات النقدية المعاصرة ومحاولتها الجمع بين التحليل النقدي التقليدي ونتائج المدرسة الكينزية الأمر الذي أدى إلى اعادة احياء الفكر والتحليل التقليدي من جديد.
المطلب الأول: النظرية الحديثة لفريدمان(1)
بالنسبة لفريدمان فإن تحليله هو امتداد أو تطوير لتحليل فيشر، فقد اعتبر الطلب على النقود جزءا من نظرية الثروة أو نظرية رأس المال، والتي تهتم بتكوين الميزانية أو محفظة الأصول، ولقد ميز فريدمان بين حائزي الأصول النهائيين والذين تمثل النقود بالنسبة لهم شكلا من أشكال الثروة يتم حيازة الثروة فيه، وبين مؤسسات الأعمال الذين تمثل النقود بالنسبة لهم سلعة رأسمالية مثل الآلات والمخزون.
- الطلب على النقود عند حائزي الثروة عند فريدمان يعتمد على أربعة متغيرات .
أ- الثروة الكلية: التي تملكها الوحدات الاقتصادية موزعة حسب الأشكال التالية:
* النقود
* السندات 
* الأسهم
* الأصول الطبيعية
* رأس المال البشري او الاستثمار الإنساني
ب- تقسيم الثروة بين الثروة البشرية والثروة غير البشرية:
أي استخدام ثروة بشرية مثل المقدرة الشخصية على اكتساب الدخل كمؤشر للثروة البشرية وهذا الدخل يمكننا من اكتساب مقدار معين من النقود كأصل سائل كامل السيولة.
ج- العوائد المتوقعة على النقود والأصول الأخرى: أي الدخل والعائد الذي تدره النقود مقارنا باثمان وعائدات مكونات الثروة والبدائل الاخرى للاحتفاظ بالثروة.
ومعدل العائد الإسمي إن هو إلا مقدار ما يحصل عليه الفرد من دخل – فائدة- من وراء النقود 


مقسوما على القيمة الإسمية للأصل – النقود – ويمكن تقسيم معدل العائد على الأصول الاخرى إلى جزئين: (1)
الأول: أي عائد أو تكلفة تدفع حاليا مثل الفائدة على السند او الربح الموزع على السهم وتكاليف تخزين الأصول الطبيعية.
الثاني: التغيرات في الأسعار الإسمية للسلع وهذا له أهمية خاصة في ظل ظروف التضخم، ومعدل العائد يحسب كما يلي:
العائد الإسمي على الأصل + التغير في سعره الإسمي 
السعر الإسمي للأصل
وبالنسبة للنقود فإن معدل العائد = معدل الفئدة على النقود + معدل التغير في الهوة الشرائية للنقود.
- إذا كان المقصود بالنقود وحدات العملة فغن معدل الفائدة يساوي صفرا وكذلك: 
معدل العائد على وحدات العملة = صفر + مقدار سالب = (-) في حالة التضخم
= صفر + مقدار موجب = (+) في حالة انخفاض مستوى الأسعار.
(د) متغيرات أخرى محددة للمنفعة المرتبطة بالخدمات التي تؤديها النقود بالنسبة للمنافع التي تؤديها الأصول الأخرى: وهي متبطة بخاصية السيولة التي أشار إليها كينز.
إذن يقرر فريدمان إلى أن النظرة إلى الطلب على النقود، يجب أن تكون نظرة شاملة من خلال مقارنة:(2)
1- عائد النقود الحقيقي والمتمثل في قيمتها، أو نسبة مبادلتها بالسلع الأخرى حيث تتحدد قيمتها بالمستوى العام للأسعار.
2- عوائد الاصول الأخرى التي تشكل الثروة والتي تتمثل في الفائدة على الأصول النقدية
( السندات ) والفائدة على الأصول المالية " الأسهم " وعائد راس المال المادي كالآلات ، وعائد رأس المال الإنساني.
3- العوامل الأخرى التي ترتبط بالجانب الموضوعي للثروة مثل الأذواق والعادات والتفضيل السائد في وقت معين.
4- التغيرات الهيكلية المؤثرة في توزيع الثروة بين الأصول المختلفة المكونة لها والتي تختلف من دولة إلى أخرى، وتتطور عبر الزمن، وفق للظروف الاقتصادية مثل اتجاه الأفراد في بعض الظروف " الأزمات " إلى تفضيل الاهتمام بجانب هام من ثروتهم على شكل نقود. 
- دالة الطلب على النقود عند فريدمان(1)
حاول فريدمان مثل من سيقود الاجابة عن السؤال " لماذا يختار الأفراد حيازة النقود " ومن هذا المنطلق صاغ دالة الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية (Md) كما يلي:
p
( Md ) = f ( yp/rb- rm,re-rm , e-rm ) 
(-) (-) (-) (+)
حيث:
Yp : الدخل الدائم وهومقياس للثروة عند فريدمان، وفنيا هو القيمة الحالية لكل الدخول المتوقعة من وراء الثروة، ولكن بلغة أكثر عموما يمكن وصف yp على أنه متوسط الدخل المتوقع في الأجل الطويل.
rm : العائد المتوقع على النقود ويشمل هذا العائد الخدمات التي تقدمها البنوك على الودائع التي يشملها العرض النقدي ومن بينها تحصيل الشيكات، والدفع الفوري للإيصالات المستحقة. كما يشمل العائد المتوقع على النقود الفائدة على الأرصدة النقدية المودعة في حسابات الادخار والودائع الأخرى التي يشملها العرض النقدي، وكلما زادت الفائدة المدفوعة على تلك الودائع فإن العائد المتوقع على النقود يزيد.
rb : العائد المتوقع على السندات ويتكون من الفائدة الإسمية على السند والمكسب الرأسمالي على السند ( التغير في السعر السوقي للسند عن السعر الإسمي نتيجة تغير سعر الفائدة الإسمي الثابت على السند ).
re : العائد المتوقع على الأسهم، ويتكون من الأرباح الموزعة على الأسهم بالاضافة إلى المكسب الرأسمالي على السهم، ( الفرق بين سعر السهم السوقي وسعر اصدار السهم ).
s : معدل التضخم المتوقع والذي يستخدم كمؤشر للعائد المتوقع من وراء السلع والأصول الحقيقية التي يرتفع سعرها مع التضخم.
* ملاحظة: تشير الاشارات تحت المتغيرات في الدالة على نوعية العلاقة بين الطلب على الأرصدة النقدية ( Md/p ) وكل متغير في الطرف الايمن.
التفرقة بين نظرية كينز وفريدمان للطلب على النقود: (1)
1- أدخل فريدمان كثير من الأصول في دالة الطلب على النقود كبدائل للنقود.
2- لم يعطي كينز اهتماما للسلع والأصول الحقيقية عند تحليله لمحددات الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية، ومن هنى لم يظهر مؤشر للعائد على تلك الاصول في دالة الطلب على النقود عند كينز، بينما فريدمان أدخل العائد المتوقع على السلع مقارنا بالعائد على النقود ( - rm ) كحد في دالة الطلب على النقد التي اقترحها، وتمكن فريدمان من صياغة الغرض الأساسي.<< إن التغيرات في الانفاق الكلي التي يمكن تفسيرها مباشرة بالتغيرات في كمية النقود >>.
3- كينز في دالة تفضيل السيولة أخذ العائد على النقود على أنه ثابت على الدوام ويساوي صفرا.وربما يرجع ذلك على النقود كعملة لا عائد مادي عليها، كذلك الودائع الجارية في الحسابات الجارية في وقت كينز كانت لا تعطي فوائد، ولكن الأمر يختلف عند فريدمان فقد شدد على أمرين:
الأول: العائد المتوقع على النقود ليست ثابتة، فعندما يرتفع سعر الفائدة في سوق الائتمان ( القروض وسوق السندات ) فإن البنوك تحقق مزيدا من الأرباح على قروضها ولجذب المزيد من الودائع، فإنها تدفع سعرفائدة أعلى الودائع حتى تستطيع زيادة حجم قروضها الجديدة المربحة، ونظرا لأن الصناعات المصرفية " البنكية" تنافسية، فغن العائد المتوقع على النقود التي يتم حيازتها كودائع مصرفية، يرتفع بإرتفاع سعر الفائدة على السندات والقروض وفي غياب هذه الظروف فإن المقدار (rb-rm) يبقى ثابتا نسبيا والنتيجة هي أن الطلب على النقود غير حساس للتغيرات في سعر الفائدة.
الثاني: الأمر يتعلق بإستقرار دالة الطلب على النقود بينما يرى كينز أن تقلب سعر الفائدة يصاحبه سرعة دوران النقد في نفس الاتجاه مما يعني أن دالة الطلب على النقود غير مستقرة.